أخبارأخبار عامةإفريقياالأسرة و المجتمع
أخر الأخبار

داء الجرب يفضح البنية التحتية الصحية التي يتباها بها تبون

ابابريس : قسم الاخبار

رغم إصرار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على ترويج صورة بلاده كصاحبة «أفضل منظومة صحية في القارة»، جاء تفشي داء الجرب في عدد من المؤسسات التعليمية ليكشف هشاشة الواقع الصحي ويهزّ مصداقية الخطاب الرسمي. فقد تسبب انتشار هذا المرض الجلدي المعدي، الذي ارتبط تاريخياً بالعصور الوسطى، في موجة واسعة من الهلع داخل الأوساط الشعبية، دفعت وزارة الصحة إلى تحرك عاجل لتدارك الموقف.

وخلال الأيام الأخيرة، غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بشهادات وصور تُظهر إصابات متزايدة بين التلاميذ، ما أجبر السلطات الصحية على عقد ندوة صحفية يوم 11 نوفمبر 2025 لتقديم توضيحاتها. وحاول مدير الوقاية وترقية الصحة، جمال فورار، طمأنة الرأي العام، مؤكداً أن الحالات المسجلة «محدودة وتحت السيطرة»، وأنه تم التعامل معها «بسرعة وفعالية».

غير أن هذا التطمين الرسمي بدا متناقضاً مع حالة الاستنفار التي سبقت المؤتمر الصحفي، إذ سبقه توجيه مذكرة رسمية بتاريخ 6 نوفمبر 2025 إلى المديريات الجهوية للصحة تدعو إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة وصارمة» بمجرد ظهور المرض داخل المؤسسات التعليمية. وهو ما يعكس أن الأمر لم يكن يتعلق بـ«حالات محدودة»، كما حاولت الوزارة إقناع الرأي العام.

إجراءات مثيرة للسخرية وسط أزمة المياه
المذكرة الوزارية أوصت بسلسلة من التدابير الوقائية تشمل الكشف الطبي الشامل للتلاميذ، منع المصابين من الالتحاق بالفصول الدراسية حتى تمام شفائهم، وتعقيم المرافق التعليمية. غير أن أكثر ما أثار السخرية في أوساط الجزائريين هو مطالبة الوزارة المدارس بتوفير الماء الجاري والصابون السائل ومواد التنظيف، وهي شروط اعتبرها كثيرون «ترفاً» في ظل أزمة المياه التي تعاني منها عدة ولايات.

وقد تفاعل الجزائريون مع هذه المفارقة بانتقادات لاذعة على المنصات الاجتماعية، معتبرين أن الدعوة لتوفير الصابون والماء في المدارس تكشف عمق الانفصال بين خطاب السلطة وواقع الخدمات الأساسية، وأن الحديث عن «أفضل منظومة صحية في إفريقيا» يفقد معناه أمام العجز عن تأمين أبسط شروط النظافة.

تبعات سياسية وإحراج للسلطة
الحقوقي والمعارض محمد العربي زيتوت اعتبر أن عودة داء الجرب للانتشار في الجزائر «فضيحة تكشف زيف الخطاب الرسمي»، مؤكداً أن السبب الجوهري هو «إهمال السلطة لقطاع الصحة وغياب الكفاءة والإدارة الرشيدة». وقال في تسجيل مصوّر إن «نظام الكذب يفاخر بما لا يملك، بينما يعيش المواطنون واقعا بئيساً».

كما شارك عدد كبير من النشطاء الجزائريين في الهجوم على ما وصفوه بـ«السيستام العاجز» الذي يفضل الشعارات الدعائية على معالجة الاختلالات العميقة في المنظومة الصحية والتعليمية، مشيرين إلى أن تفشي المرض في المدارس ليس سوى عرض لأزمة أوسع تشمل ضعف البنية التحتية، وقصور التمويل، وغياب الإرادة السياسية الحقيقية للنهوض بالقطاع الصحي.

إن عودة مرض يمكن السيطرة عليه بسهولة مثل الجرب، في مؤسسات يفترض أنها مؤمنة صحياً وتعليمياً، تمثل دليلاً صارخاً على التناقض بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني. فبينما يرفع المسؤولون شعارات التفوق الصحي، تظل المدارس الجزائرية تكافح لتأمين المياه الجارية والصابون، في مشهد يلخص المسافة الفاصلة بين التباهي السياسي والحقائق الميدانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى