وزارة الأوقاف : حقوق المرأة في الإسلام موضوع خطبة الجمعة 8 غشت بالمغرب

ابابريس : قسم الاخبار
خصصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، خطبة يوم الجمعة 8 غشت الجاري، لموضوع موحد حول حقوق المرأة في الإسلام.
ونشرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إعلانا عبر موقعها الرسمي، تضمن نص خطبة الجمعة الموحدة، حول “حقوق المرأة في الإسلام”.
وتم الاستدلال بمجموعة من الآيات والأحاديث النبوية التي تتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام.
نص الخطبة
الحمد لله الذي تولى بيان حقوق العباد بنفسه، وحرم هضمها على خلقه، نحمده تعالى على نعمة الإسلام والإيمان، ونشهد أن لا إله إلا الله العظيم الشأن، ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، ومصطفاه من خلقه وخليله، صلوات ربي وتسليماته عليه ما توالى الليل والنهار، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد؛ معاشر المؤمنين والمؤمنات، فقد تناولت الخطبة الماضية تكريم المرأة في الإسلام، بما خصها به من العناية والتنويه؛ لما تتحمله من المسؤوليات الجسام، وتأتي خطبة اليوم لبيان حقوقها التي منحتها إياها شريعة الإسلام، إنصافا لها مما اعتراها من ظلم وحيف في الجاهلية، وإبطالا لما عليه بعض الأعراف المنحرفة عن الدين الحق في بعض المجتمعات.
فعظم الله وجودها في الحياة، وذم الذين يستاؤون من البنت إذا ولدت لهم فقال جل من قائل:
«وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالُانثىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَٰرىٰ مِنَ اَ۬لْقَوْمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ اَمْ يَدُسُّهُ فِي اِ۬لتُّرَابِۖ أَلَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَۖ» [1].
ومدح من كانت له بنات فأحسن إليهن، ووعده بالجنة قطعا فقال ﷺ:
«من كان له ثلاث بنات، يؤويهن، ويكفيهن، ويرحمهن، فقد وجبت له الجنة البتة».
فقال رجل من بعض القوم: وثنتين، يا رسول الله؟ قال:
«وثنتين»[2].
فحق البنات في التربية وكفاية حاجتهن عظيم؛ وهن ستر من النار لمن قام بحقهن وبإكرامهن؛ وبحسن تربيتهن تحصل صحبة ومرافقة رسول الله ﷺ في الجنة.
كما أوجب الإسلام حق الأم وقدمه على حق الأب، كما في قول النبي ﷺ، لمن سأله: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال:
«أمك قال ثم من؟ قال: “أمك” قال ثم من؟ قال: “أمك” قال ثم من؟ قال: “أبوك”» [3].
فقد أعطى النبي ﷺ ثلاثة أرباع البر للأم، وأعطى للأب ربعا واحدا.
قال القاضي عياض رحمه الله: “فيه تأكيد حق الأم وأمانة مبرتها على مبرة الأب؛ لكثرة تكلفها له من الحمل، ومشقة الوضع، ومعاناة الرضاع والتربية”[4].
وأوجب كذلك حق الزوجة، في المعاشرة الحسنة والصداق والنفقة والسكنى، وغير ذلك مما سبق الحديث عنه في خطبة سابقة. وأوصى بالرفق بها وبناء العلاقة الزوجية على المكارمة، وعلى الفضل والاعتراف بالجميل وليس على المكايسة.
كما أعطى الشارع الحكيم للأخت حقها كاملا في الأخوة والصلة، والمعاملة بالمثل مع إخوانها الذكور، وعدم حرمانها من الإرث، كما يحدث للأسف عند بعض من لا يفقهون من الشريعة شيئا، فيحرمون أخواتهم المتزوجات من الإرث، ويعتبرون طلبَها حقَّها من قلة الأدب ومن أسباب قطيعة الرحم، وهم أولى بهذا اللوم.
ألا فاتقوا الله، عباد الله، وامتثلوا أمره ونهيه في التعامل مع ذوي القربى والأرحام، واعلموا أن الله تعالى سائل كل واحد منا عما استرعاه حفظ أم ضيع.
نفعني الله وإياكم بقرآنه المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله الملك الحق المبين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله؛ ومن حقوق المرأة في الإسلام حقها في المشورة وإبداء الرأي، في الشؤون الخاصة والعامة، لقول الله تعالى:
«فَإِنَ اَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا»[5].
فهذه الآية الكريمة شرعت المشاورة بين الزوجين في شأن فطام مولودهما للوصول إلى الحالة الفضلى للطفل مع احترام حق كل منهما.
ومن ذلك في الشأن العام استشارة النبي لأم سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية، لما أمر الصحابة أن يتحللوا من عمرتهم، فأبوا لكونهم لم يصلوا إلى مكة ولم يطوفوا ولم يسعوا، فغضب النبي ﷺ لذلك. فأشارت عليه أم سلمة رضي الله عنها، أن لا يكلمهم وأن ينحر هديه ويحلق رأسه. فلما رأوه ﷺ فعل ذلك، تتابعوا في نحر الهدي والحلق، ونجاهم الله من المخالفة بسبب إشارة أم سلمة وحكمتها رضي الله عنها.
وفي هذا ما يكذب دعوى أن المرأة لا تستشار، أو ما اشتهر على ألسنة الناس من قولهم: “شاوروهن وخالفوهن”. وهذا ليس بحديث بل هو كلام باطل مكذوب على النبي ﷺ.
ومن حق المرأة كذلك التملك والتصرف في مالها بيعا وشراء وتبرعا كتصرف الرجل تماما.
ومن حقوقها كذلك حقها في العمل والكسب واعتلاء المناصب المختلفة، والمشاركة في تدبير الشأن العام. وحقوق أخرى لا يتسع المقام لذكرها، وفيما ذكر الكفاية.
وقد أكدت التجارب اليوم أن المرأة أعطت نتائج باهرة في جميع الميادين.
وبالعودة إلى العهد النبوي الزاهر وعهد الصحابة الكرام، نجد أن دور المرأة كان كبيرا في جميع مجالات الحياة، حيث حققن نتائج جليلة في خدمة الدين والأمة، فمنهن الطبيبات، والفقيهات، والمحدثات، والحافظات، والمحتسبات، والمجندات، وغير ذلك من الوظائف والمهن.
ألا فلنتق الله تعالى، رجالا ونساء، ولنتمسك بهدي السلف الصالح من هذه الأمة، فالخير كله في اتباع تعاليم القرآن والسنة، فإنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، كما قال الإمام مالك رحمه الله.
هذا، وأكثروا من الصلاة والتسليم على ملاذ الورى وشفيع الأنام، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن ساداتنا الحنفاء، الأربعة الخلفاء؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
وانصر اللهم عبدك الخاضع لجلالك وسلطانك، المؤيد بفضلك وامتنانك، مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمدا السادس، نصرا تعز به الدين، وتعلي به راية الإسلام إلى يوم الدين.
اللهم أسبغ عليه أردية الصحة والعافية، واحفظه اللهم بحفظ كتابك في السر والعلانية، وأقر عين جلالته بولي عهده المحبوب، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولانا الحسن، وشد أزره بشقيقه السعيد، مولانا رشيد، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة، إنك سميع مجيب.
وارحم اللهم بواسع رحمتك الملكين الجليلين، مولانا محمدا الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم طيب ثراهما، وأكرم مثواهما، مع المنعم عليهم من النبيئين، والصديقين والشهداء والصالحين.
اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا، واجعلنا هداة مهديين، غير ضالين ولا مضلين، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين